يكمن الهدف الرئيس لهذه المبادرة في إعادة بناء منظمة التحرير التي هُمّشت منذ اتفاقيات أوسلو، إذ لا يجوز أن تفقد المنظمة مكانتها التاريخية ودورها الفاعل قبل إنجاز التحرر الوطني الذي لم يتحقق بعد، ومن الضروري الحفاظ عليها ممثلًا شرعيًا وحيدًا للشعب الفلسطيني كله في الداخل والخارج. ومن ناحية ثانية، تَبيّن أن مؤسسات السلطة الفلسطينية التي حلّت محل منظمة التحرير، أو أَحلَّت نفسها مكانها، ليست حرة الإرادة في ظل الاحتلال الإسرائيلي، باعتبار الشروط والقيود المفروضة عليها. والأخطر من ذلك نشوء شبكة مصالح تربط بين الاحتلال الإسرائيلي وأوساطٍ في السلطة الفلسطينية بحكم وظيفتها. إضافة إلى الوضع الخطر الذي أحدثته الحرب الإسرائيلية على فلسطين في قطاع غزة، ووجود محاولات فرض نسخة مشوهة عن اتفاقيات أوسلو لإدارة القطاع، من منطلق واحد ووحيد، هو الأمن الإسرائيلي. وما زالت هناك خلافات حول دور السلطة الفلسطينية في إدارة غزة في ما يُسمى "اليوم التالي" للحرب.
تشمل إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية تمثيل القوى السياسية الرئيسة الفاعلة على الساحة الفلسطينية، ومن ضمنها المقاومة. وكذلك، بالدرجة نفسها من الأهمية، القوى والأوساط الوطنية غير المنضوية ضمن الفصائل التي أسهمت، منذ اتفاقيات أوسلو، في الحفاظ على حيوية قضية فلسطين وثوابتها، حتى حينما غُيِّبَت منظمة التحرير وهُمِّشَت.
ليس هدف مؤتمرنا الوطني طرح حلولٍ معيّنة للقضية الفلسطينية، أو مناقشة حلّ الدولة أو الدولتين؛ وإنما خلق قيادة موحّدة تجمع القوى السياسية والمدنية، وتمثّل الشعب الفلسطيني بفئاته كافة، بحيث تواجه تحديات المرحلة الراهنة. وسواء تمثّلت العدالة في إقامة دولة فلسطينية في المناطق العربية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس - وهو ما يتطلّب انسحابًا إسرائيليًا كاملًا إلى حدود الرابع من حزيران/ يونيو وإزالة المستوطنات - أو إقامة دولة ديمقراطية واحدة، فالمُهم هو تحقيق التحرّر والعدالة للشعب الفلسطيني، وألّا نتنازل عن هذا الهدف. ولا معنى لأي مفاوضات قبل دحر الاحتلال، والتخلّص من نظام الأبارتهايد الذي تولَّد عن الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي.
يوجّه المؤتمر نداءً من أجل الوحدة الفلسطينية وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، ويُناقش السُبل التي تقود إلى تحقيق هذا الهدف. وفي الطريق إلى عقد هذا المؤتمر، تُعقد اجتماعات تحضيرية في مختلف الدول والمناطق في الوطن وخارجه، تمهيدًا له، وللتضامن مع الأهل في قطاع غزّة، والمطالبة بوقف الحرب، والتواصل مع الناشطين الفلسطينيين في الداخل والخارج.
لن يكون المؤتمر فعالية تُقام مرّة واحدة، لأنّ القائمين عليه يُدركون أنّ الوحدة الفلسطينية لن تتحقق فور اختتام المؤتمر. ولأنّهم يدركون أن الخطط الإسرائيلية لما يُسمّى "اليوم التالي" ما زالت قائمة، فسوف تُنتخب هيئات فاعلة تستمر في تفعيل حراك وطني ديمقراطي، وإنشاء شبكة اجتماعية واسعة، وتعبئة طاقات الشعب، وتحقيق أوسع تضامن دولي وعربي للصمود والمقاومة في الطريق إلى بناء الوحدة وتحقيق العدالة في فلسطين.