انطلقت اليوم الإثنين أعمال المؤتمر الوطني الفلسطيني في العاصمة القطرية الدوحة، بمشاركة نحو 400 شخصية فلسطينية من مختلف دول العالم.
ويهدف المؤتمر الذي يستمر لثلاثة أيام إلى إيجاد آليات لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وفق أسس ديمقراطية ووطنية.
وعلى مدار أيام، ستقام خلال المؤتمر جلسات حوار وورشات عمل وفق خطط وقضايا اللجان التي شكلتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر وهي: اللجنة السياسية، ولجنة خطة المائة يوم بعد المؤتمر، ولجنة دعم صمود الشعب الفلسطيني، ولجنة إعادة بناء منظمة التحرير، ولجنة اللاجئين وحق العودة، واللجنة القانونية والتنظيمية.
أعمال المؤتمر الوطني الفلسطيني
وبحسب موفد التلفزيون العربي محمد أبو نصيرة، فقد شهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني الفلسطيني عدة كلمات، وانتخبت هيئة مؤقتة لإدارة المؤتمر.
ولفت إلى أن المشاركين في المؤتمر هم فلسطينيون من نخب أكاديمية وثقافية وأدبية وإعلامية وسياسية يمثلون شرائح مختلفة من المجتمع الفلسطيني، منهم من هم من خلفيات حزبية، وفصائلية، ومنهم أيضًا من هم أعضاء في اللجنة المركزية لحركة "فتح"، وكذلك منظمة التحرير.
وأوضح مراسلنا أن العنوان الذي يحمله هذا المؤتمر والذي أثار جدلًا واضحًا في الأوساط الفلسطينية مرتبط بشكل أساسي بمنظمة التحرير الفلسطينية، كما جاء في الورقة التي وزعت على المشاركين نحو قيادة وطنية موحدة، وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس وطنية وديمقراطية، ومواجهة مخططات الإبادة والتطهير العرقي والضم والتهويد.
وتابع أن أغلب الكلمات خلال المؤتمر ركزت على نقطة أساسية للإجابة على تساؤل واضح: "هل هذا المؤتمر هو بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية؟".
وأوضح مراسلنا أن أغلب الكلمات والتي بدأت بالأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، ثم شملت عددًا من الأكاديميين وأعضاء المؤتمر، أكدت أن المؤتمر الوطني ليس بديلاً لأحد، وليس بديلًا لمنظمة التحرير الفلسطينية، بل على العكس من ذلك الهدف منه هو إعادة تنشيط المنظمة الفلسطينية التي لم تعقد مؤتمرًا لها ولا للمجلس الوطني الفلسطيني منذ سنوات طويلة.
وبالتالي هذا المؤتمر في مقامه الأول هو لافتة للاحتجاج على الوضع الراهن لمنظمة التحرير، و تعبير عن الحاجة إلى إعادة الزخم لمنظمة التحرير مرة أخرى، خصوصًا في هذه اللحظة الراهنة فقط، حسب مراسلنا.
وأشار إلى أن أجهزة السلطة الفلسطينية في الضفة منعت 33 من أعضاء المؤتمر من التوجه إلى الدوحة للمشاركة إلى المؤتمر.
وفي الكلمة الافتتاحية، قال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي: إن المؤتمر "يمثل مبادرة شعبية غير مسبوقة وحراكًا وحدويًا شعبيًا مستمرًا ومنظمًا ومتواصلاً، للضغط من أجل تشكيل قيادة وطنية موحدة تقود النضال الوطني الفلسطيني وتضمن وحدة القرار السياسي والكفاحي، وتحقيق الوحدة الوطنية الشاملة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بنائها وتفعيلها على أسس كفاحية ديمقراطية لاستعادة دورها التحرري وحمايتها من محاولات التهميش والاحتواء والإضعاف".
وأوضح البرغوثي أن المؤتمر الذي وصفه بـ"الحراك "ليس حزبًا ولا مؤسسة، ولا يسعى ليكون بديلاً لمنظمة التحرير، ويتقبل الآراء والتوجهات، المتنوعة ويكرس بنيانه لتشكيل قيادة وطنية موحدة وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية".
وأكد البرغوثي أنه "الأكثر حرصًا على منظمة التحرير الفلسطينية وعلى وحدة القوى السياسية والمجتمعية فيها للقيام بدورها ممثلاً شرعيًا وحيدًا للشعب الفلسطيني، ولحماية حق الشعب الفلسطيني في تمثيل نفسه، وصدّ أي تدخل أو إملاء خارجي في شؤونه الداخلية وقراره الوطني المستقل، ولكل محاولات تزوير إرادته أو فرض حلول منقوصة عليه".
ولفت إلى أن الانتخابات الديمقراطية التي يمارسها الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وجميع أماكن وجوده، هي الآلية المثلى لإنجاز عملية إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وتقويتها.
وبحسب البرغوثي، فإن المؤتمر يتبنى "حق الشعب الفلسطيني في النضال والمقاومة بكل أشكالها بما ينسجم مع القانون الدولي لضمان نجاح الشعب الفلسطيني في مقاومة وإفشال مشروع الاستيطان الإحلالي الصهيوني، وإنهاء الاحتلال ونظام الفصل العنصري".
كما يتبنى المؤتمر "تأمين حقوق الشعب الفلسطيني في التحرر والحرية التامة وتقرير المصير وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها، وحماية وكالة الغوث الدولية الراعية لحقوقهم وحق الشعب الفلسطيني في دولته الديمقراطية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس".
ويؤكد المؤتمر "مكانة وحقوق الأسرى والأسيرات وعائلات الشهداء الذين قدموا حياتهم فداء لشعبهم"، حسب البرغوثي.
ونبه البرغوثي إلى أن المؤتمر يعتبر أن اتفاق ونهج أوسلو وعقيدة التنسيق الأمني فشلت بالكامل على يد الاحتلال، ويرفض المؤتمر المراهنة على حل وسط مع الحركة الصهيونية أو على الولايات المتحدة كوسيط في ظل اختلال ميزان القوى.
ويدعو المؤتمر إلى الإسراع في تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني وإعلان بكين، بما في ذلك تشكيل حكومة وفاق وطني وصدّ أي مشاريع أو اقتراحات أو هياكل تروج للتطهير العرقي أو فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية والقدس وسائر فلسطين.
ويتوجه المؤتمر حسب الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، إلى القوى والفصائل الفلسطينية كافة ولمؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني والحراكات الشبابية والمبادرات الوطنية الشعبية الساعية لتحقيق الوحدة الوطنية واستعادة الدور الوطني التحرري لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ويتقبل المؤتمر وفق البرغوثي كل مساهمة أو مشاركة لتحقيق أهدافه وهو منفتح على الحوار مع كل مكونات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
وفي سياق متصل، دعا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير سابقًا، صلاح صلاح، لجعل المؤتمر "قاعدة مقاومة سياسية وإعلامية مساندة لجبهة المقاومة في داخل غزة والضفة، وذلك من خلال تبني مهمات يمكن العمل على تحقيقها، والتكتل في مواجهة العدو الإسرائيلي، مثل وضع خطة عمل تطالب بطرد إسرائيل من الأمم المتحدة".
وتحدث القيادي في حركة فتح وعضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الفلسطيني، أحمد غنيم، عن سير عمل لجنة المتابعة التي أجرت سلسلة اتصالات من أجل تأمين مكان لعقد المؤتمر الوطني الأول.
وأوضح غنيم أنه "جرى منح موافقة مبدئية من إحدى الدول العربية، لم تُترجم إلى موافقة عملية، فطرقت اللجنة أبواب دول عدة، حيث استعصت الجغرافيا السياسية على كسر طوق أزمة المكان لإتمام الوحدة، فجاءت الموافقة القطرية مشكورة على قبول عقد هذا اللقاء في الدوحة، باعتباره مبادرة شعبية فلسطينية تستهدف حماية النظام السياسي الفلسطيني والمساهمة في استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، واستمرار دور قطر في العمل من أجل الوحدة الوطنية الفلسطينية، وخاصة في هذا الوقت".
وختم بالقول إنه "لا يمكن مواجهة حرب الإبادة وخطر التهديد بالتهجير دون إنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية".
بدوره، أكد الباحث والأستاذ الجامعي الفلسطيني، أحمد العزم في كلمته، أن المؤتمر "لا يسعى لتجاوز منظمة التحرير، ويرفض أي محاولة تستهدف إضعاف المنظمة التي تحظى بشرعية دولية دفع الشعب الفلسطيني أثمانًا باهظة لتكريسها"، مطالبًا بالحفاظ عليها بصفتها مكسبًا جوهريًا مع التطلع لتكون الإطار الوطني الجامع لكافة القوى الوطنية الحية والفاعلة، وما يرفضه المؤتمرون هو حالة التعطيل الراهنة للمنظمة.
مقابلة تلفزيونية:
انطلاق أعمال المؤتمر الوطني الفلسطيني للنداء من أجل إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية18 فبراير 2025